عشقنا الحق فعشقنا الحسين (ع)
لقد عشقنا الحق، فعشقنا الحسين «ع». وعشقنا الوفاء، فعشقنا العباس «ع»، وعشقنا البسالة، فعشقنا علي الأكبر «ع»، وعشقنا الثبات، فعشقنا حبيب بن مظاهر «رض»،وعشقنا التوبة، فعشقنا الحر «رض»، وعشقنا الصبر، فعشقنا زينب «ع»
وهل يلام أحد إذا عشق القيم متجسدة في الأشخاص والمواقف؟
الحسين «ع» نهضة حق لا ريب فيها، وثورة إيمان لا هزيمة لها، ومشاريع خير لا مزيد عليها، ومنابع صلاح لا يستغنى عنها.
المؤمنون استثناء بين الناس، والرجال الصادقون منهم استثناء بين المؤمنين، والأبطال فيهم استثناء بين الرجال الصادقين، والشهداء منهم استثناء بين الأبطال، أما الحسين «ع» بين كل هؤلاء فهو الاستثناء الأكبر في التاريخ، فنهضته لا مثيل لها، وشهادته لا نظير لها، وشجاعته لا شبيه لها، فهو صفوة الصفوة ومثال لغيره، وليس غيره مثالا له.
انتهت معركة كربلاء خلال نصف نهار، وسحق الجيش الأموي كل معسكر الحسين «ع» وأحرق خيامه كلها، وأسر كل نسائه، وأطفاله، ودقت طبول الفرح على جثث الشهداء.
وارتفعت أعلام النصر في عامة البلاد. خاصة في عاصمة العراق: الكوفة، وعاصمة بلاد الشام: دمشق. لكن نصرهم كان مؤقتا، أما هزيمتهم فكانت أبدية.
فقد مسح الحسين «ع» دولة بني أمية من الأرض، ورمى برجالها في مزبلة التاريخ إلى الأبد، فلا يمكن لأموي واحد أن يرفع رأسه في أي مكان، إلى يوم القيامة.
أما أبناء الحسين «ع» فإن من حقهم أن يؤسسوا الدول في جميع البلدان، وأن يقيموا الحضارات تحت شعار واحد من شعارات الحسين «ع». «هيهات منّا الذلة»، «وسيعلم الَّذين ظلموا َ أيَّ ُ منَْقلب ينَْقلُِبون».
لم تكن نهضة الحسين «ع» مغامرة سياسية، ولا كانت حركة تجارية، ولا كانت تهدف إلى فتح البلدان، ولا كانت من أجل اغتنام الحطام. بل كانت باختصار: نهضة ربانية، من أجل أهداف ربانية، يقودها شخصية ربانية.
كان منطق الحسين «ع» بسيطا للغاية، كبساطة النور، فهو يقوم بالدفاع عن الحق، فإن نصره الناس وأعانوه فقد نصروا حقهم وأعانوا أنفسهم.
وإن تقاعسوا عن نصره، التزم هو وحده بالحق ولم يتوان عن الدفاع عنه، حتى وإن أدى ذلك إلى قتله وقتل كل من معه.
قامت نهضة الحسين «ع» على أهم موازين الدين، وهي: الاستقامة في الحق، والثبات على المبدأ، والتضحية من أجل القيم.
كان الخلاف في عاشوراء بين منطقين: منطق الامة، ومنطلق السلطة فالحسين «ع» كان يريد السلطة للأمة، أما أعداؤه فكانوا يريدون الأمة للسلطة.
الحسين «ع» وزينب «ع» حجتان من حجج الله على خلقه. فهما في الدنيا نموذجان يطالبنا ربنا بالاقتداء بهما في الدنيا، ويحتج بهما يوم نلقاه.
بقلم سماحة السيد هادي المدرسي