الشيعة لغة هم الجماعة المتعاونون على أمر واحد في قضاياهم، يقال تشايع القوم إذا تعاونوا، وربّما يطلق على مطلق التابع، قال سبحانه: ( فَاسْتَغَاثَهُ الذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الذِي مِنْ عَدُوِّهِ ) ( [1]) ، وقال تعالى: ( وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لاَِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْب سَلِيم ) ( [2]) .
وأمّا اصطلاحاً فلها إطلاقات عديدة بملاكات مختلفة:
1-الشيعة: من أحب عليّاً وأولاده باعتبارهم أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الّذين فرض الله سبحانه مودّتهم، قال عزوجل: ( قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبي ) ( [3]) ، والشيعة بهذا المعنى تعمّ كلّ المسلمين إلاّ النواصب، بشهادة انّهم يصلّون على نبيّهم وآله في صلواتهم وأدعيتهم ويتلون الآيات النازلة في حقّهم صباحاً ومساءً، وهذا هو الإمام الشافعي يصفهم بقوله:
يا أهل بيت رسول الله حبكم *** فرض من الله في القرآن أنزله
كفاكم من عظيم الشأن أنكم *** من لم يصلّ عليكم لا صلاة له( [4])
2-من يفضّل علياً على عثمان أو على الخلفاء عامة مع اعتقاده بأنّه رابع الخلفاء، وانّما يقدّم لاستفاضة مناقبه وفضائله عن الرسول الأعظم، والّتي دوّنها أصحاب الحديث في صحاحهم ومسانيدهم.
3-الشيعة من يشايع علياً وأولاده باعتبار انّهم خلفاء الرسول وأئمة الناس بعده، نصبهم لهذا المقام بأمر من الله سبحانه وذكر أسماءهم وخصوصياتهم، والشيعة بهذا المعنى هو المبحوث عنه في المقام، وقد اشتهر بأنّ عليّاً هو الوصي حتّى صار من ألقابه، وذكره الشعراء بهذا العنوان في قصائدهم، وهو يقول في بعض خطبه :
«لا يقاس بآل محمد من هذه الأُمّة أحد ولا يسوّى بهم من جرت نعمتهم عليه أبداً، هم أساس الدين، وعماد اليقين، إليهم يفيء الغالي، وبهم يلحق التالي، ولهم خصائص حق الولاية، وفيهم الوصية والوراثة». ( [5])
ومجمل القول: إنّ هذا اللفظ يشمل كل من قال إنّ قيادة الأُمّة لعلي بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وإنّه يقوم مقامه في كل ما يمت إليه سوى النبوة ونزول الوحي عليه، كل ذلك بتنصيص من الرسول.
وعلى ذلك فالمقوم للتشيّع وركنه الركين هو القول بالوصاية والقيادة بجميع شؤونها للإمام (عليه السلام) ، فالتشيّع هو الاعتقاد بذلك، وأمّا ما سوى ذلك فليس مقوماً لمفهوم التشيع ولا يدور عليه إطلاق الشيعة