[
أتقدم الى الحجة المنتظر والى مراجعنا العظام جميع مسلمي العراق والدول العربية والإسلامية والعالم أجمع، بتهاني الفخر والإيمان والعز بذكرى مولد سيد الكائنات محمد بن عبدالله (صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين المنتجبين وسلم تسليماً عظيماً).
ما أشد حاجتنا الى التحلي بالأخلاق الحميدة المجيدة التي أمرنا الله القدير ورسوله الكريم وال بيتة بالتعامل بها وجعلها أساساً لبناء مجتمعاتنا المسلمة. وفي هذا اليوم المبارك نجدد ذكرى المولد الشريف، لتمنحنا شـُحنة إيمانية إضافية بالإصرار على اقتفاء الأثر، وتقصي العبر، لكي نتحول فعلا مجتمعاً ذا بنيان مرصوص يشد بعضه بعضا. والله ولي التوفيق.
وُلِدَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ واله وسلم) لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً مَضَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الاوَّلِ فِي عَامِ الْفِيلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَعَ الزَّوَالِ وَرُوِيَ أَيْضاً عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ بِأَرْبَعِينَ سَنَةً وَحَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْوُسْطَى وَكَانَتْ فِي مَنْزِلِ عَبْدِ الله بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَوَلَدَتْهُ فِي شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ فِي دَارِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ فِي الزَّاوِيَةِ الْقُصْوَى عَنْ يَسَارِكَ وَأَنْتَ دَاخِلُ الدَّارِ وَقَدْ أَخْرَجَتِ الْخَيْزُرَانُ ذَلِكَ الْبَيْتَ فَصَيَّرَتْهُ مَسْجِداً يُصَلِّي النَّاسُ فِيهِ وَبَقِيَ بِمَكَّةَ بَعْدَ مَبْعَثِهِ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَمَكَثَ بِهَا عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ قُبِضَ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ واله وسلم) لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً مَضَتْ مِنْ رَبِيعٍ الاوَّلِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً وَتُوُفِّيَ أَبُوهُ عَبْدُ الله بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ أَخْوَالِهِ وَهُوَ ابْنُ شَهْرَيْنِ وَمَاتَتْ أُمُّهُ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ وَهُوَ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ واله وسلم) ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ وَمَاتَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَلِلنَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) نَحْوُ ثَمَانِ سِنِينَ وَتَزَوَّجَ خَدِيجَةَ وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً فَوُلِدَ لَهُ مِنْهَا قَبْلَ مَبْعَثِهِ الْقَاسِمُ وَرُقَيَّةُ وَزَيْنَبُ وَأُمُّ كُلْثُومٍ وَوُلِدَ لَهُ بَعْدَ الْمَبْعَثِ الطَّيِّبُ وَالطَّاهِرُ وَفَاطِمَةُ (عليها السلام) وَرُوِيَ أَيْضاً أَنَّهُ لَمْ يُولَدْ بَعْدَ الْمَبْعَثِ إِلا فَاطِمَةُ (عليها السلام) وَأَنَّ الطَّيِّبَ وَالطَّاهِرَ وُلِدَا قَبْلَ مَبْعَثِهِ وَمَاتَتْ خَدِيجَةُ (عليها السلام) حِينَ خَرَجَ رَسُولُ الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) مِنَ الشِّعْبِ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ وَمَاتَ أَبُو طَالِبٍ بَعْدَ مَوْتِ خَدِيجَةَ بِسَنَةٍ فَلَمَّا فَقَدَهُمَا رَسُولُ الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) شَنَأَ الْمُقَامَ بِمَكَّةَ وَدَخَلَهُ حُزْنٌ شَدِيدٌ وَشَكَا ذَلِكَ إِلَى جَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلام) فَأَوْحَى الله تَعَالَى إِلَيْهِ اخْرُجْ مِنَ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا فَلَيْسَ لَكَ بِمَكَّةَ نَاصِرٌ بَعْدَ أَبِي طَالِبٍ وَأَمَرَهُ بِالْهِجْرَةِ
قصيدة البردة للإمام البوصيري وما قاله في مولده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ واله وسلم
مولاي صلــــي وسلــــم دائمـــاً أبــــدا*** علـــى حبيبــــك خيــر الخلق كلهـم
أبان موالده عن طيب عنصـــــــــره*** يا طيب مبتدأ منه ومختتــــــــــــــم
يومٌ تفرَّس فيه الفرس أنهـــــــــــــم*** قد أنذروا بحلول البؤْس والنقـــــــم
وبات إيوان كسرى وهو منصــــدعٌ*** كشمل أصحاب كسرى غير ملتئـــم
والنار خامدة الأنفاس من أســــــفٍ*** عليه والنهر ساهي العين من سـدم
وساءَ ساوة أن غاضت بحيرتهـــــا*** ورُد واردها بالغيظ حين ظمــــــــي
كأن بالنار ما بالماء من بــــــــــــلل*** حزناً وبالماء ما بالنار من ضــــرمِ
والجن تهتف والأنوار ساطعـــــــــةٌ*** والحق يظهر من معنى ومن كلــــم
عموا وصموا فإعلان البشائر لـــــم*** تسمع وبارقة الإنذار لم تُشــــــــــَم
من بعد ما أخبره الأقوام كاهِنُهُـــــــمْ*** بأن دينهم المعوجَّ لم يقــــــــــــــــمِ
وبعد ما عاينوا في الأفق من شهـب*** منقضةٍ وفق ما في الأرض من صنم
حتى غدا عن طريق الوحى منهــزمٌ*** من الشياطين يقفو إثر منـــــــــهزم
كأنهم هرباً أبطال أبرهــــــــــــــــــةٍ*** أو عسكرٌ بالحصى من راحتيه رمـى
نبذاً به بعد تسبيحٍ ببطنهمــــــــــــــا*** نبذ المسبِّح من أحشاءِ ملتقـــــــــــم
صلوا علي سيــدنا وحبيبنا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ واله وسلم
وياليتنا نستطيع ان نحتفل به بما يستحقه خير خلق الله
مَحَمَّدٌ سَيِّدُ الْكَوْنَيْنِ وَالثَّقَلَيْنِ
وَالْفَرِيْقَيْنِ مِنْ عَرَبٍ وَّمِنْ عَجَمِ
نَبِيُّنَا الآمِرُ النَّاهِي فَلاَ أَحَدٌ
أَبَرَّ في قَوْلِ لاَ مِنْهُ وَلاَ نَعَمِ
هُوَ الْحَبِيبُ الَّذِي تُرْج***1648;ى شَفَاعَتُهُ
لِكُلِّ هَوْلٍ مِّنَ الأهْوَالِ مُقْتَحِمِ
دَعَا إِلَى اللهِ فَالْمُسْتَمْسِكُونَ بِهِ
مُسْتَمْسِكُونَ بِحَبْلٍ غَيْرِ مُنْفَصَمِ
فَاقَ النَّبِيِّيْنَ فِي خَلْقٍ وَّفي خُلُقٍ
وَّلَمْ يُدَانُوهُ في عِلْمٍ وَلاَ كَرَمِ
وَكُلُّهُمْ مِّن رَّسُولِ اللهِ مُلْتَمِسٌ
غَرْفًا مِّنَ الْبَحْرِ أَوْ رَشْفًا مِّنَ الدِّيمِ
وَوَاقِفُونَ لَدَيهِ عَنْدَ حَدِّهِمِ
مِن نُّقْطَةِ الْعِلْمِ أَوْ مِنْ شَكْلَةِ الْحِكَمِ
فَهُوَ الَّذِي تَمَّ مَعْنَاهُ وَصُورَتُهُ
ثُمَّ اصْطَفَاهُ حَبِيبًا بَارِىءُ النَّسَمِ
مُنَزَّهٌ عَنْ شَرِيكٍ في مَحَاسِنِهِ
فَجَوهَرُ الْحُسْنِ فِيهِ غَيرُ مُنْقَسَمِ
دَعْ مَا ادَّعَتْهُ النَّصَار***1648;ى في نَبِيِّهِم
وَاحْكُمْ بِمَا شِئْتَ مَدْحًا فِيهِ وَاحْتَكَمِ
وَانْسُبْ إِلَى ذَاتِهِ مَا شِئْتَ مِنْ شَرَفٍ
وَّانْسُبْ إِلىَ قَدْرِهِ مَا شِئْتَ مِنْ عِظَمِ
فَإِنَّ فَضْلَ رَسُولِ اللهِ لَيسَ لَهُ
حَدٌّ فَيُعْرِبُ عَنْهُ نَاطِقٌ بِفَمِ
لَوْ نَاسَبَتْ قَدْرَهُ آيَاتُهُ عِظَمًا
أَحْيَى اسْمُهُ حِينَ يُدْع***1648;ى دَارِسَ الرِّمَمِ
لَمْ يَمْتَحِنَّا بِمَا تَعْيَ الْعُقُولُ بِهِ
حِرْصًا عَلَينَا فَلَمْ نَرْتَبْ وَلَمْ نَهِمِ
أَعْيَ الْوَر***1648;ى فَهْمُ مَعْنَاهُ فَلَيْسَ يُر***1648;ى
لِلْقُرْبِ وَالْبُعْدِ فِيهِ غَيرُ مُنْفَحِمِ
كَالشَّمْسِ تَظْهَرُ لِلْعَينَينِ مِنْ بُعْدٍ
صَغِيرَةً وَّتَكِلُّ الطَّرْفُ مِنْ أَمَمِ
وَكَيفَ يُدْرِكُ في الدُّنْيَا حَقِيقَتَهُ
قَومٌ نِّيَامٌ تَسَلَّوا عَنْهُ بِالْحُلُمِ
فَمَبْلَغُ الْعِلْمِ فِيهِ أَِنَّهُ بَشَرٌ
وَأَنَّهُ خَيرُ خَلْقِ اللهِ كُلِّهِمِ
وَكُلُّ آيٍ أَتَى الرُّسُلُ الْكِرَامُ بِهَا
فَإِنَّمَا اتَّصَلَتْ مِن نُّوْرِهِ بِهِمِ
فَإِنَّهُ شَمْسُ فَضْلٍ هُمْ كَوَاكِبُهَا
يُظْهِرْنَ أَنْوَارَهَا لِلنَّاسِ في الظُّلَمِ
حَتَّى إِذَا طَلَعَتْ في الْكَونِ عَمَّ هُدَاهَا
الْعَالَمِينَ وَأَحْيَتْ سَآئِرَ الأُمَمِ
أَكْرِمْ بِخَلْقِ نَبِيٍّ زَانَهُ خُلُقٌ
بِالْحُسْنِ مُشْتَمِلٍ بِالْبِشْرِ مُتَّسِمِ
كَالزَّهْرِ في تَرَفٍ وَّالْبَدْرِ في شَرَفٍ
وَالْبَحْرِ في كَرَمٍ وَّالدَّهْرِ في هِمَمِ
كَأَنَّهُ وَهُوَ فَرْدٌ في جَلالَتِهِ
في عَسْكَرٍ حِينَ تَلْقَاهُ وَفي حَشَمِ
كَأَنَّمَا اللُّؤْلُؤُ الْمَكْنُونُ في صَدَفٍ
مِن مَّعْدِنَى مَنْطِقٍ مِّنْهُ وَمُبْتَسَمِ
لاَ طِيبَ يَعْدِلُ تُرْبًا ضَمَّ أَعْظُمَهُ
طُوبَى لِمُنْتَشِقٍ مِّنْهُ وَمُلْتَثِمِ
قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً