قطع العلائق مع الباطل
إن على طالبي الكمال الالتفات إلى أن العبد لو قطع كل
تعلقاته بما سوى الحق ، وأبقى علقة واحدة ، فإن تلك العلقة الواحدة كافية
لأن تجعله متثاقلاً إلى الأرض ، بما يمنعه من الطيران في الأجواء العليا
للعبودية . فإن مَثَله كمثل الطير المشدود إلى الأرض ، سواء كان ذلك (
الإنشداد ) بحبل واحد أو بحبال شتى ، فالنتيجة في الحالتين واحدة ، وهي
الارتطام بالأرض كلما حاول الصعود . ولهذا حذّرت النصوص القرآنية والروايات
المتعددة من الشرك : خفيّـه وجلـيّه ، إذ أن الالتفات إلى غير الحق - ولو
في مورد واحد - لهو صورة من صور الشرك في التوجه والالتفات ، وهو الذي يمثل
روح العبادة . ومن هنا يمكن القول - بقطع - أنه لا مجال ( للخلاص )
والكمال ، إلا بإتباع أسلوب ( المراقبة ) المستوعبة للجوارح والجوانح معاً ،
لنفي كل صور الشرك المهلكة بجليّـها ، والمانعة من التكامل بخفيّـها .