وفاء موسوي عضو متألق
رقم الضوية : 31 الجنس : عدد المساهمات : 1949 تاريخ التسجيل : 06/02/2013 السٌّمعَة : 0 نقاط التقيم : 4771 الموقع : شيعة اصحاب الكساء العالميه العمل/الترفيه : المشرفة المميزة
| موضوع: أثر النوائب في تطهير النفس وتكاملها الثلاثاء أبريل 02, 2013 12:11 pm | |
| أثر النوائب في تطهير النفس وتكاملهايشكو كثير من الناس عندما تنتابهم النوائب وتكتنفهم المصائب، يشكو متذمرين غير شاكرين ولا صابرين، ذلك لأن حكمة النوائب والبلايا قد خفيت عليهم.. ولو أنّهم علموا أسباب ذلك لصبروا، بل ولشكروا واستغفروا. فلقد رأينا أحبّ الخلق إلى الله - أنبياءه وأولياءه - قد ابتلوا ببلايا جمة ومصائب عدة، لم يبتل بمثلها غيرهم وهم أعزاء الله وخيرة خلقه. نرى كثيراً ممّن أفسدوا في الأرض واستوجبوا سخط الله، مترفين منعمين لا يبتلون في حياتهم بما يبتلى به غيرهم من أصفياء الله وصالحي عباده. ولو تتبّعنا القرآن الكريم وتعمّقنا فيه لعلمنا أنّ النوائب والمصائب، وإن شئت فقل، إنّ الإختبارات والإمتحانات تتوجّه إلى كل نفس لا محالة لتبدي ما عليها من صبر وشكر واستغفار وعزم وتوكل وإنفاق لجبران ما فات، أو لتظهر ما تحمل من غي وطيش وكبر وتذمُّر وكفر وجحود أي إمّا إلى تكامل أو إلى تسافل وتدهور ما بعده إنحطاط، إنّ الله تعالى يقول: (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمنَّ الله الذين صدقوا وليعلمنَّ الكاذبين) (العنكبوت/ 2-3).
فإنّ الإقرار بالإيمان وحده لا يكفي للدخول في سير التكامل النفسي والبلوغ إلى حيث يشاء الله، أي في: (ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر)، ولابدّ من إجتياز إمتحانات صعبة دقيقة أصعب بكثير من الإمتحانات المدرسية مهما كان الموضوع صعباً والنجاح فيها عسيراً، كي يعلم الإنسان حقيقة نفسه، حتى إذا عوقب بعد الموت أو قبل الموت اعترف بأنّه إنّما عوقب لسوء سريرته واتباع هوى نفسه وسقوطه في الإمتحانات الإلهية، تلك الإمتحانات التي كان بإمكانه أن ينجح فيها.
هذا رجل قد أنعم الله عليه بمال كثير، يأتيه جاره المسكين العاجز، فلا ترقُّ له نفسه ولا يعطيه ممّا فرضه الله عليه، وهذا مريض بائس، قد أشرف على الموت وهو طبيب ذو ثراء، فلا ينهض لمداواة أخيه المسلم ولا يعينه من فضول ماله، ألم يكن ذلك في إمكانه؟ ما الذي منعه عن ذلك؟ أليست نفسه الأمّارة بالسُّوء؟ ولو حكم عقله في وقت لا يغلب عليه هواه، في وقت أزيح عنه شيطانه، لعلم أنّه خان نعماً أنعم الله بها عليه، بل خان نفسه وخسرها، فكان من الذين (خسروا أنفسهم) (الزُّمر/ 15).
إنّ الله تعالى يقول: (ولنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشِّر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا لله وإنّا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربّهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) (البقرة/ 155-157).
فكما أنّ الإنسان يُمتحن في حياته بالمال الكثير والعلم الغزير وأنواع الفنون والصنايع وملكات وقابليات ومواهب ونبوغ واستعداد فائق وأمثال ذلك من أنواع الكمال والجمال، يُمتحن أيضاً بكل ما يؤدِّي إلى الخوف والجوع والفقر وفقد الأولاد والأعزّة وقلة الثمرات، ليؤدِّي امتحانه بالصبر على كل ذلك. فبالصبر يبرز الإيمان العملي، الإيمان الفعلي، كما أنّ بالنطق يظهر الإيمان القولي، وهذا تفسير لقوله تعالى: (أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) (العنكبوت/ 2)؟ لأن مجرد القول بالإيمان لا يظهر حقيقة الإيمان، ولكن الصبر وتفويض الأمر إلى الله وتطمين النفس بنعيم الآخرة والرجوع إلى الله هو الذي يظهر إيمان الشخص الفعلي الواقعي، لأنّ حقيقة الإيمان تتجلى بالإعتقاد بالبعث والحياة الآخرة والثواب والعقاب. فمن زاد إيمانه بالبعث والحياة الآخرة قوي على الصبر. فكأنّ معيار الإيمان الحقيقي هو الصبر على النوائب والمصائب على أنواعها، لذلك يقول الله تبارك وتعالى: (وبشِّر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا لله وإنّا إليه راجعون) (البقرة/ 156)، ثمّ أعقبه بمنزلتهم العظيمة ويا لها من منزلة بقوله تعالى: (أولئك عليهم صلوات من ربِّهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) (البقرة/ 157). نعم: "إنّ عظيم الأجر مع عظيم البلاء، وما أحبّ الله قوماً إلا ابتلاهم"، كما جاء في الحديث.
فالنوائب والمصائب إنّما هي بمثابة الأعمال الكيمياوية التي تجري على قطعة من المعادن المختلفة لإستخراج الذهب الخالص منها، فإنّ الإنسان تجري عليه أنواع الإمتحانات حسب منزلته ولياقته ليخرج إن كان مؤمناً حقاً من هذه الدنيا بالذهب الخالص.
ولنعم ما قال الشاعر: عليُّ الدُّرّ والذهب المصفّى. وعن أبي عبدالله (ع): "أربع لا يخلو منهنّ المؤمن أو واحدة منهنّ: مؤمن يحسده، وهو أشدهنّ عليه، ومنافق يقفو أثره، وعدو يجاهده، وشيطان يغويه". هذه هي سنّة الله في الأوّلين والآخرين، إنّ الله تعالى يقول: (وجعلنا بعضكم لبعض فتنة، أتصبرون وكان ربّك بصيراً) (الفرقان/ 20). تتبّعوا أحوال الأنبياء (صلوات الله عليهم أجمعين) وأحوال الأئمة الأطهار (عليهم السلام) وأحوال المؤمنين، تروا أنّ أقربهم إلى الله كان أشدّهم ابتلاء وأكثرهم غرضاً لسهام المنافقين والأعداء. وهم على حسب مراتبهم يتفاوتون في درجات الصبر، وإنّ نبيّنا محمداً (ص)، وهو سيِّد المرسلين، كان أكثر الأنبياء إبتلاءً، لذلك قال صلوات الله عليه وعلى آله الطاهرين: "ما أوذي نبيّ مثل ما أوذيت". وممّن صبر على المصيبة صبراً لا يقوى عليه غيره، صبراً يتجلّى فيه الإباء والبطولة الخالدة: الحسين (ع)، وهو القائل: "رضا الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه ويوفينا أجور الصابرين". ويقول (ع) في مكان آخر مخاطباً ربّ العباد: "رضى بقضائك لا معبود سواك". فوليُّ الله جعل دائماً غرضاً لعدو الله، فقد قال أبو عبدالله (ع): "إنّ الله جعل وليه في الدينا غرضاً لعدوه".
إنّ البلايا لتختلف شدّة وضعفاً، كما أسلفنا، حسب قابلية الممتحن واستعداده. وهذا من عظيم لطف الله. فلا يمتحن المؤمن كما يمتحن النبي أو الوصي. لذلك يقول لنا أبو جعفر محمد الباقر (ع): "أشدّ الناس بلاءً الأنبياء ثمّ الأوصياء ثمّ الأمثل فالأمثل". ولذلك يقول رسول الله (ص) لسبطه الحسين (ع): "يا بني، اخرج إلى العراق، شاء الله أن يراك قتيلاً وأهل بيتك سبايا، وإنّ لك درجة لن تبلغها إلا بالشهادة". نعم، "إنّ المؤمن بمنزلة كفتي الميزان، كلما زيد في إيمانه زيد في بلائه، ليلقى الله عزّوجلّ ولا خطيئة له"، كما يحدثنا موسى بن جعفر (ع). وإنّ درجة الإيمان تتناسب مع تحمل عظيم البلاء، فإنّ الإنسان قد يعرض عليه المال الكثير من مورد مشكوك أو محرم، أو تعرض عليه رئاسة فيها هتك حرمات الله والتصدي إلى أنواع الجور والظلم، فقلَّ مَن ينجح في هذين الإمتحانين بترك المال لحرمته والرِّضا بالفقر والمسكنة، أو رفض الرئاسة والعمل حسب هذه الآية الشريفة: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين) (القصص/ 83). فالتقوى: أن ترى وجه الحيلة ويصدك عن ارتكابها خوف الله. لذلك يقول الحسين (ع) في كلمته الخالدة: "الناس عبيدُ الدنيا والدين لعق على ألسنتهم، يحوطونه ما درت معايشهم، فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون". المصدر: كتاب التكامل في الإسلام
| |
|
عاشقة الزهراء2 عضو مميز
رقم الضوية : 15 الجنس : عدد المساهمات : 372 تاريخ التسجيل : 18/01/2013 السٌّمعَة : 0 نقاط التقيم : 402 الموقع : شيعة اصحاب الكساء العالميه
| موضوع: رد: أثر النوائب في تطهير النفس وتكاملها الثلاثاء أبريل 02, 2013 1:30 pm | |
| بارك الله بك اختي العزيزة | |
|