اللهم صلي على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها
والسر العظيم المستودع فيها عدد ما أحاط به علمك .
اللهم صلي على مُحمد وآل مُحمد وعجل فرجهم
واهلك عدوهم من الجن والإنس من الأولين والآخرين
في ليلة من الليالي وبعد أن أرخى الليل سدوله
وجد نفسه في زنزانة السجن.. اتهم بالقتل وحكم عليه بالقصاص.. كيف كان
ذلك؟
قال: ما إن وصل من دورة عسكرية وكانت الفرحة
ترفرف في قلبه ومشاعره وكان يُحدًِّث نفسه عن ليلة الأنس وقت اللقاء بالأطفال
والأقارب، وبعد وصوله بثلاث ساعات والابتسامة تعلو شفاه الأسرة.
فجأة وبدون مقدمات جاء من يطرق الباب بشدة فإذا
برجال الأمن يسألون عن الاسم كاملاً فطلبوا منه مرافقتهم للشرطة فكانت المفاجأة
التي هزت كيانه حيث وجَّه الضابط المناوب تهمة القتل العمد له، قال: أنت قتلت
المواطن فلان وأنت مطلوب للعدالة.
يقول: اسودَّت الدنيا في عيني ولم أصدق ما
أسمع.. حاولت أن أقنع نفسي أن التهمة تكون لغيري وأن الاسم مشابه أو خطأ لكن
المفاجأة زادت اتساعاً بعد التحقيق معي بشكل جاد..
وأدخلت الزنزانة وازدادت المصيبة بعد أن أوضح لي
المحقق أن إنكاري لا يقدم ولا يؤخِّر؛ لأن الشهود موجودون ويؤكدون صدق التهمة وأني
القاتل الحقيقي..
يقول: واصلت الدفاع عن نفسي ومحاولات تبرئة نفسي
حتى تمت إحالتي للقضاء، ولقد ظهر لي أناس لا أعرفهم شهدوا أني القاتل، والأدهى من
ذلك أنني لا أعرف
القاتل ولا أعرف الشهود.
وجلست في السجن خمسة عشر عاماً؛ لأن أبناء
القتيل قُصَّر.. فبعد مرور هذه السنوات لم يعفُ الأبناء ولا الوكيل الشرعي بل
طالبوا بالقصاص..
وبعد خمسة عشر عاماً من الهم والغم جاءت
المفاجئة الكبرى.. ففي صباح الجمعة طلب مني رجال الأمن الاستعداد لكتاب الوصية
وأبلغوني أن هذا آخر يوم في حياتي ووقت تمثيل القصاص حان وقته ولقنوني الشهادة
وكتبوا صك الوصية.
اقتادوني في ساحة القصاص وكانت الجموع كبيرة
ورجال الأمن وضعوا سياجاً كبيراً حول الساحة، وكان ذكر الله لا ينقطع عن لساني وتم
توثيقي في العمود وأغلقوا عيني..
وبدأ المسؤول في تلاوة البيان.. وفي هذه اللحظات
ذكرت الله ودعوته.. وقلت: ربي إنني مظلوم وأنت وعدت وأنت الصادق في وعدك وتسمع دعوة
المظلوم وأنا مظلوم.. وأنت علام الغيوب وفوَّضت أمري لك.. لا إله إلا أنت لا شريك
لك..
قال: والله لم أكمل دعائي أثناء تلاوة البيان
حتى سمعت أصواتً عالية.. وسمعت صوت رجلٍ يقول: لا تقتلوه أنا القاتل..
سبحان من يسمع نداء المظلومين.. ويقول: سمعت
أصواتً بعد ذلك كثيرة.. وتوقَّف البيان عن التكملة وسمعت أحد رجال الأمن
يقول:
هؤلاء الشهود يعترفون أنهم القتلة.. وسمعت
الآخرين يطالبون بسرعة تنفيذ القصاص..
واستمر الجدل طويلا فبقيت في مكاني مكتوف الأيدي
ومربوط القدمين.. والعيون مغطاة.. ثم يقول: اتضح الحق وزهق الباطل وأنطق الله
الشهود في آخر لحظة..
يقول: فجاء الأمر بإيقاف القصاص بي فخرجت للدنيا
مرة أخرى كمولود جديد.
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا
تفرج